مصطفى م. تجربة الاقتراب من الموت
الصفحة الرئيسية تجارب حديثـــــة مشاركة تجربــــة




وصف التجربة:

في الرابع والعشرين من سبتمبر سنة ١٩٦٣، كان من المفترض أن تنتقل عائلتي إلى وهران (الجزائر). في اليوم السابق، ذهبتُ أنا واثنان من إخوتي وابن عمي في زيارة أخيرة للشاطئ. كان والدي يمنع ذلك بشدة، ما لم يكن حاضرًا.

كنا نسبح على بُعد حوالي أربعين ياردة (حوالي 37 متر) من الشاطئ، عندما شعرتُ فجأةً بأنني أُسحب نحو الأسفل. انتابني الذعر وحاولتُ الخروج من هذا الجزء من الماء، حيث كنتُ وحيدًا تمامًا. كان أخي الأكبر وابن عمي يسبحان على بُعد حوالي عشرين ياردة (حوالي 17 متر). صرختُ وكافحتُ وطلبت المساعدة، لكن لم يأتِ أحد. كنت أُسحب نحو الأعماق بلا هوادة. عرفتُ أنني أغرق، خاصةً وأنني لم أستطع تجنب ابتلاع مياه البحر.

ثم فجأة، رأيت نفسي أطفو في الماء، في هدوءٍ لا يُصدق واسترخاءٍ جسديٍّ ونفسيٍّ عميق. رأيتُ هذا الجسد هادئًا جدًا، كان ينجرف ببطء، ورأيتُ فقاعاتٍ تخرج من فمه. كان المشهد حقيقيًا جدًا، لكن بإضاءةٍ شديدة. رأيتُ كل شيءٍ تحت الماء، كأنني كنتُ أرتدي قناع غوص. كان مجال رؤيتي يقترب من ثلاثمئة درجة. بدا الأمر كأنني كنت على مسافةٍ قصيرةٍ من جسدي، لكنني استطعتُ أيضًا رؤية ما يحدث خلفي.

لاحظتُ تفاصيل صغيرة: حصى بلون أصفر باهت (كقطع بلاط المنازل)، وحصى فاتحة اللون ومخططة، على قاع البحر، وأعشاب بحرية تطفو تحت السطح. أما الباقي فكان رمالًا. وكانت هناك أيضًا أسماك صغيرة شبه شفافة تحت السطح مباشرة، كانت تتحرك ثم تختفي بحركة مفاجئة من ذيلها.

وفجأة، ضربت ذراعا الشاب الذي كنت أنظر إليه الماء بحركات مفتوحة اليدين بقوة لا تُصدق، فخرج جسده من الماء حرفيًا حتى وصل الماء إلى مستوى الخصر. في تلك اللحظة رأيت الشاطئ بمن عليه، وخاصة أخي وابن عمي، اللذين كانا يسبحان نحوي بسرعة.

سقطتُ مرة أخرى في الماء، وكما حدث في البداية، رأيتُ هذا الجسد يطفو تحت السطح، كان يغوص دون مقاومة. استمر هذا لفترة قصيرة، قبل أن تبدأ الذراعان في ضرب الماء مجددًا، فخرج الجسد من الماء، ولكن ليس بعيدًا هذه المرة. حينها أمسك بي أخي. وفي تلك اللحظة أيضًا أدركتُ أنني نجوتُ من الغرق. تشبثتُ بهما بشدة، بقبضةٍ قوية، حتى كدتُ أغرق أخي وابن عمي اللذين كانا يمسكان بي بقوة.

عندما وطأت قدماي الشاطئ، بدأت أتقيأ، وأصابني خوفٌ شديد. كنت أرتجف من إدراكي أنني قد نجوت للتو من موتٍ محقق.

معلومات أساسية:

الجنس: ذكر.

تاريخ وقوع تجربة الاقتراب من الموت: 23 سبتمبر 1963.

عناصر تجربة الاقتراب من الموت:

في وقت تجربتك، هل كان هناك حدث يهدد حياتك؟ نعم. الغرق. قبل ذلك بقليل، كنتُ أُكافح لتجنب الغرق. كنتُ متأكدًا من أنني سأغرق.

كيف تنظر في محتوى تجربتك؟ مشاعر مختلطة.

هل شعرت بالانفصال عن جسدك؟لقد غادرت جسدي بوضوح وكنت موجودًا خارجه.

كيف كان أعلى مستوى لك من الوعي والانتباه خلال التجربة مقارنة بوعيك وانتباهك اليومي العادي؟ أكثر وعيًا وانتباهًا من المعتاد. كما هو مذكور أعلاه.

في أي وقت خلال التجربة كنت عند أعلى مستوى لك من الوعي والانتباه؟ في اللحظة التي نظرت فيها إلى هذا الجسد العائم تحت السطح، كان لدي وضوح ووعي كاملين. كنت واعيًا أن ذلك الجسد كان جسدي.

هل تسارعت أفكارك؟ أسرع من المعتاد.

هل بدا أن الوقت كان يمر بشكل أسرع أم أبطأ؟ بدا أن كل شيء كان يحدث في لحظة واحدة أو أن الوقت قد توقف أو فقد كل المعنى. لقد فقدت فكرة الوقت تمامًا. كم قضيت من الوقت وأنا أنظر إلى جسدي العائم؟ لا أستطيع أن أقول.

هل كانت حواسك أكثر حيوية من المعتاد؟ كانت حواسي حيوية بشكل لا يُصدق.

يرجى مقارنة رؤيتك أثناء التجربة برؤيتك اليومية التي كانت لديك قبل وقت التجربة مباشرة. نعم. كان مجال رؤيتي هائلاً. كان بإمكاني رؤية ما كان أمامي وكذلك جزءًا مما كان خلفي. كانت الإضاءة شديدة جدًا. بدا الأمر كأنني كنت في حمام سباحة به كشافات في القاع. فقد رأيت الألوان المختلفة للحصى والأعشاب البحرية والأسماك، رغم أنني كنت بدون قناع غطس.

يرجى مقارنة سمعك أثناء التجربة بسمعك اليومي الذي كان لديك قبل وقت التجربة مباشرة. نعم. سمعت الأصوات الخافتة لتدفق المياه، والفقاعات القادمة من جسدي العائم.

هل بدا أنك كنت على دراية بأمور تحدث في أماكن أخرى، كما لو أن ذلك كان يتم من خلال إدراك حسي خاص؟ نعم، وقد تم تأكيد حدوث تلك الأمور.

هل مررت داخل نفق أو عبرت من خلاله؟لا .

هل قابلت أو أصبحت مدركًا لوجود أي كائنات متوفاة (أو على قيد الحياة)؟لا.

هل رأيت أو شعرت أنك محاط بنور مشرق؟نور واضح من أصل روحاني أو من أصل غير دنيوي.

هل رأيت نورًا غريبًا؟نعم، وكأن أعماق الماء كانت مضاءة بنور شديد.

هل بدا لك أنك دخلت إلى عالم آخر غير أرضي؟لا.

ما هي العواطف التي شعرت بها خلال التجربة؟ الشعور بالسلام والسًكينة والهدوء.

هل كان لديك شعور بالبهجة؟ شعرت بفرح لا يُصدق.

هل شعرت بالانسجام أو الاتحاد مع الكون؟ شعرت بالاتحاد مع الكون أو أني ذات واحدة معه.

هل بدا لك فجأة أنك تفهم كل شيء؟ كل شيء عن الكون.

هل عادت لك مشاهد من ماضيك؟ برق الماضي أمامي دون تحكم مني.

هل جاءتك مشاهد من المستقبل؟ مشاهد من مستقبل العالم.

هل وصلت إلى حد فاصل أو نقطة لا عودة؟ لا.

الله والروحانية والدين:

ما هو دينك قبل تجربتك؟ معتدل. مسلم غير ملتزم.

هل تغيرت ممارساتك الدينية بعد مرورك بتجربتك؟ لا.

ما هو دينك الآن؟ معتدل. مسلم غير ملتزم.

هل تغيرت في قيمك ومعتقداتك بسبب تجربتك؟ لا.

هل رأيت أرواحًا لشخصيات متوفاة أو شخصيات دينية؟ لقد رأيتهم بالفعل.

فيما يتعلق بحياتنا الأرضية بخلاف الدين:

هل اكتسبت خلال تجربتك معرفة أو معلومات خاصة تتعلق بهدفك؟ لا.

هل تغيرت علاقاتك على وجه التحديد بسبب تجربتك؟ لا.

بعد تجربة الاقتراب من الموت:

هل كان من الصعب التعبير عن التجربة بالكلمات؟ غير مؤكَّد. من الصعب إعادة إنتاج حالة السَكينة الشديدة رغم أن جسدي هناك كان يمر بتجربة الموت غرقًا.

هل لديك أي قدرات نفسية غير عادية أو أي مواهب خاصة أخرى ظهرت بعد تجربتك ولم تكن موجودة لديك قبل التجربة؟ غير مؤكَّد. في كثير من الأحيان أشعر بإحساس "شوهد من قبل" و"عشته من قبل" (أشياء عشتها من قبل).

هل كان لجزء أو لأجزاء من تجربتك مغزى خاص أو أهمية خاصة بالنسبة لك؟ 1. كيف تمكن الذراعان من ضرب الماء بهذه القوة وخروج الجسم من الماء كالطوربيد، هذا الأمر لا يزال لغزًا. 2. حقيقة أنني رأيت جسدي وهو يغرق، دون أن أشعر بالخوف أو الذعر.

هل سبق وأن شاركت قصة هذه التجربة مع الآخرين؟ نعم، تحدثتُ عن التجربة لأول مرة بعد قرابة ثلاثة عشر سنة. خلال استراحة في المستشفى (حيثُ كانت تعمل من شاركت التجربة معها)، كانت ممرضة تتحدث عن تجربتها مع الغرق الوشيك، وعن شعورها بالمتعة والسَكينة للحظة وجيزة. وعندها رويت قصتي.

هل كان لديك أي معرفة بتجارب الاقتراب من الموت قبل مرورك بتجربتك؟ لا.

ما رأيك في واقعية تجربتك بعد فترة قصيرة من حدوثها (أيام إلى أسابيع)؟ كانت التجربة حقيقية بالتأكيد.

ما رأيك في واقعية تجربتك الآن؟ كانت التجربة حقيقية بالتأكيد.

في أي وقت من حياتك، هل استطاع أي شيء أن يعيد إنتاج أي جزء من التجربة لك؟ لا.

هل هناك أي شيء آخر تود إضافته إلى تجربتك؟ منذ تلك الحادثة، أصبحت مقتنعًا أننا عندما نكون في النهاية، وعندما يسوء كل شيء ويثقل كاهلنا، هناك دائمًا نور يمكننا التعلق به، وهناك دائمًا إجابة.