باربرا جي تجربة الاقتراب من الموت
الصفحة الرئيسية تجارب حديثـــــة مشاركة تجربــــة




وصف التجربة:

مع تزايد وتيرة أمواج الحمى والتشنج التي كانت تنتابنى، أصبحتُ أشعرُ شيئاً فشيئا بالانفصال عن الألمِ والمعاناة جراءَ أمراض الحصبة، النكاف، الحصبة الألمانية، الجدري والحمى القرمزية التي ألمّت بجسدي الغَض. لفترة من الزمن، غادرتُ جسدي الى مكانٍ لا يزالُ حتى الآن ملازماً لى. رأيتُ الطبيبَ الذي استدعته أمي لمعاينتي يقول: " لقد استشرى المرض في جسدها". ناصحاً إياها بطلب القسيس. مع مرور الأيام، لم يعد حمامَ الماء المثلّج يمثلُ تعذيباً لى، لأننى غادرتُ عالمَ الألمِ إلى آخرَ استثنائي.

عندما عدتُ الى جسدي وحاولتُ إخبار الآخرين بما حدث، تظاهروا بأنهم لا يسمعونني، وظلّو يبتسمون باستمرار. ما أتذكره هو الآتى: تعرف كيف يبدو جيلى البرتقال، أليس كذلك؟ حسناً. امزجه - قبل أن يتماسك ويصبح جيلى- مع كوكتيل من الفواكه المُشكَّلة. لقد كنتُ واحدةً من قِطع الفواكه تلك، وغصتُ داخلَ جيلى البرتقال. شعرتُ وفكرتُ بكل ما يمكن لتلك القطع أن تشعرَ وتفكرَ به، فهي بالفعل تشعرْ، هذا ما عرفتُه واحسسته. بعضُ القطعِ كانت على حافة الجيلى، تنظرُ الى الأسفل، تركيزها منصبٌ على ذلكَ السطح المادي.. الأرض ، أو هكذا بدا لى وأنا ابنة الخامسة. أما بقية الفواكة فكانت تتدحرجُ نحو المنتصف، مدركةً للأرضِ لكنها غير مباليةٍ بها. كانَ هذا المكانُ رائعاً، يشعرَ المرءُ فيه بالدفءِ والارتباط. لقد اختبرته واحببته، كما احببتُ الارتماءَ فى أحضان جيلى البرتقال الحانية المحبة. ثم شعرتُ بصوتٍ يخبرنى أن بوسعي الاختيار بين البقاء أو العودة من حيثُ اتيت، وأنّ كلا الخيارين لا بأس بهما ولا يَجدر بى القلق، لأن ذلكَ المكان سيكون دائما موجوداً من أجلى. وبالرغم من ثقتي أن ذلك المكان هو بيتى، الا اننى أردتُ بشدة البقاءَ إلى جانب أمى؛ لذا اخترتُ العودةَ إليها وانتظار عالم البرتقال. مع تقدمي فى العمر، ظلت تلك الذكرى على حالها. ولا تستطيعُ مفرداتى الناضجة الآن أن تمسحَ مفردات الطفولة. أنه جيلى البرتقال يحتضنُ ويوحّدُ الجميعَ بكلِ حُب.

معلومات أساسية:

الجنس: أنثى.

تاريخ وقوع تجربة الاقتراب من الموت: خريف العام ١٩٥٧

عناصر التجربة:

في وقت تجربتك، هل كان هناك حدث يهدد الحياة؟ نعم. لقد كنت أعانى من أمراض الحصبة، النكاف، الحصبة الألمانية، الجدري والحمى القرمزية بصورة متزامنة. كما عانيت من حمى وتشنجات فتاكة. وعلة مأساوية داخلية وخارجية. وقد أجرى لى القسيس مسحة الاحتضار (طقوس الموت).

كيف ترين محتوى تجربتك؟ رائعة.

هل شعرتِ بالانفصال عن جسدك؟ نعم. كان من الواضح أنني غادرت جسدي إلى خارجه.

كيف كان أعلى مستوى لكِ من الوعي والانتباه خلال التجربة مقارنة بوعيك وانتباهك اليومي العادي؟ كنت أكثر وعيًا وانتباهًا من المعتاد، كما ذكرت.

في أي وقت خلال التجربة كنتِ في أعلى مستوى من الوعي والانتباه؟ أرى الآن أننى كنتُ واعيةً و منتبهةً خلال التجربة. لم أشعر للحظة بالاستيقاظ أو النوم. بدت لى كرحلة وسير من مكان الى آخر.أما ان كنت تتحدث عن الادراك كحالة متقدمة؛ فهو ما شعرتُ به وانا اختبر تفكيرَ قطع الفواكه داخل ذلك الجيلى. بعد أن عدتُ الى أمى بتُّ أكثر ادراكاً وتعاطفاً وفضوليةً تجاه الآخرينَ من حولى.

هل تسارعت أفكارك؟ بشكل لا يُصدّق.

هل بدا أن الوقتَ يمر بشكلٍ أسرع أم أبطأ؟ بدا أن كل شيء يَحدث فى وقتٍ واحد. كيف يتسنى لبنت فى الخامسة من العمر أن تحسّ بالوقت والمكان؟.

هل كانت حواسك أكثر حيوية من المعتاد؟ بشكل لا يُصدّق.

يرجى مقارنة رؤيتك أثناء التجربة برؤيتك اليومية التي كانت لديك قبل وقت التجربة مباشرة.. لم أكن أرى بعينىّ، بل كنت أشعر بهما و أذناى وأنفى وكل حواسي في ذات الوقت. كان الأمر إدراكاً ووعياً أكثرَ منه رؤية. ادراكاً بالغاً بالجيلى وقطع الفواكه المُشكّلة وبكل الأفكار والمشاعر المحيطة بأي شيء كان موجودا فى ذلك المكان والزمان.

يرجى مقارنة سمعك أثناء التجربة بسمعك اليومي الذي كان لديك قبل وقت التجربة مباشرة.. نعم. كنت اسمع بعقلى. لم تكن أصواتأً تطغى بعضها على بعض، بل كنت قادرة على سماع كل الأصوات وتمييز كل ما يقال. يسمونه الاستماع متعدد المسارات.

هل يبدو أنك كنتِ على دراية بأمور تحدث في أماكن أخرى؟ لا.

هل مررت داخل أو عبر نفق ما؟ لست متأكدةً. شعرتُ انى اتسللُ من تحت لحافٍ ثقيل الى داخل الجيلى. لكنني خرجتُ من جسدي لبعض الوقت وجلستُ فى زاوية الغرفة.

هل اختبرتِ أو أدركتِ وجود كائنات سواء حية أو ميتة؟ نعم. الكائنات هي قطع الفواكه. لقد عرفتُها وعرفَتنى، وإن كنت لا اعرف كيف أو من هم. لكننى عرفتهم تمام المعرفة و ما كانوا يفكرون ويشعرون به، وهم بدورهم عرفوا عنى ذات الأمر. كنت قادرة على سماع القلق والارتياح على الأرض. وان كل الخيارات موجودة و متعايشة مع بعضها البعض. تلك هي الأفكار التي اختبرتها - لكني لم أفهمها - خلال تلك الفترة. وقد شكلت خلال حياتى فترة توقف عندها الزمن. وجعلنى أشعر أن كل الخيارات ليست ذات قيمة وشديدة الأهمية فى ذات الوقت. انا فى الغالب اتخذ القرار ومن ثم أواصل السير. عزائي اننى اخترت الخيارات الأخرى بشكل أو آخر.

هل رأيتِ أو شعرتِ أنك محاط بضوء مشرق؟ ضوء واضح انه روحانى أو من أصل دنيوى آخر.

هل رأيتِ نوراً غير نور الأرض المعروف؟ نعم. لكنه كان بلون الجيلى البرتقالي الشفاف وليس ضوء مصباح أو شمس.

هل بدا أنك قد دخلت عالمًا آخر؟ عالم روحانى غريب.

ما هي العواطف التي شعرتِ بها خلالَ التجربة؟ لا شيء سوى الحب. شعرت اننى مغمور بالحب واننى ايضا اقدمه. عندما عدتُ إلى أمى كنت أشعر بالحب بدرجة كبيرة وهو ما مكنني من الثبات والتحمل خلال أوقات الأزمات والضغوط. والآن، أشعر أنى أتلقى الحب وأقدمه تماماً كما كان فى فترة الجيلى.

هل شعرتِ بالطمأنينة والغبطة؟ نعم. بشكل رائع.

هل شعرتِ بالبهجة؟ السعادة.

هل شعرتِ بالانسجام أو الاتحاد مع الكون؟ نعم. اتحاد الفرد مع العالم.

هل بدا لك أنك أصبحتِِ فجأةً تفهمين كل شيء؟ كل شيء عن الكون.

هل مرّت عليك مشاهد من ماضيك؟ مرّ الماضى أمامى دون ارادتى. وماذا يمكن لفتاة في الخامسة أن ترى فى ماضيها. تذكرتُ عائلتى وأشياءً فعلتها فى السابق. وبالتأكيد تعلّمتُ أشياء ساعدتنى فى عيش حياتى ما بعد التجربة. وهو أننا كلنا يجمعنا الحب بطريقة ما. إضافةً إلى ذلك، لم أشعر للحظة بالخوف من الموت، أو ربما عملية الاحتضار الفوضوية. شيءٌ إخرَ خرجتُ به من تلك التجربة، وهو أن أُحبَ نفسي واستمتع بالصحبة. مجّرد وجودى هنا والآن يكفى لأشعر بالسعادة.

هل جاءتك مشاهد من المستقبل؟ لا. لكن بما أني عشت زمناً بعد تلك التجربة، اكتشفتُ امتلاكي صورة عامة عن الحياة. وأنها لا تُمثل فقط الحقيقة بل هناك أيضاً الحب والصبر.

هل وصلتِ إلى حدّ أو نقطة اللا عودة؟ القرار المحسوب بالعودة إلى الحياة.

الله، الروحانية والدين:

ما هي ديانتك قبل تجربتك؟ معتدلة. وأنا فى الخامسة لم تكن لدى طقوس دينية رسمية عدا المعمودية على المذهب الكاثوليكى وانا رضيعة. وقد كنا نذهب إلى قدّاس يوم الأحد برفقة والدىّ.

هل تغيرت ممارسة الشعائر الدينية بعد تجربتك؟ لا. لم أكن أُمارس أى شعائر. أنا كاثوليكية متعافية.

ما هو دينك الآن؟ متحررة. لا دين رسمي لي. أقرب الى الاعتقاد بأن أنا وأنت ونحن شىء واحد.

هل حدث تغير في قيمكِ ومعتقداتكِ بسبب تجربتك؟ لا. لم أكن أُمارس أى شعائر. أنا كاثوليكية متعافية.

هل بدا وكأنك التقيت كائناً أو وجوداً روحانياً.أو سمعتِ صوتاً مجهولاً؟ صوتاً مجهولاً.

هل رأيتِ متوفَين أو رموز دينية؟ شعرتُ بوجودهم.

في ما يتعلق بالحياة العادية بخلاف الدين:

خلال تجربتك، هل اكتسبتِ معرفةً أو معلومات خاصة عن هدفك؟ نعم. عرفتُ أن ما يحدث هو الحقيقة. الحب هو عماد هيكلنا وما نحن عليه. بعد عودتي علمت أنه هو المنزل الذى ينتظرنا جميعاً.

هل تغيرت علاقاتكِ الشخصية ،على وجه التحديد، بسبب تجربتك؟ نعم. رجعتُ إلى أمى وأنا أكثر رغبة فى التعرف على تجارب الآخرين.

بعد تجربة الاقتراب من الموت:

هل كان من الصعب التعبير عن تجربتك بالكلمات؟ نعم. كنتُ فى الخامسة، ولم تكن مفرداتى بالمُعبِّرة.

هل أصبحت لديكِ أي هبة روحانية خارقة أو خاصة بعد تجربتك لم تكن موجودة من قبل؟ نعم. كثيراً ما أعرفُ الأحداث قبل وقوعها. مثلاً عرفتُ أن صديقة والدتى ستحظى بمولودة فى وقت متأخر من عمرها (كنت فى السابعة من العمر حينما رحلت بعيداُ عنا، وأخبرتها عن مدى حزنى لمغادرتها لأنها ستنجب فتاة استطيع اللعب معها. أُصيبت وأمى بالدهشة لسماع ذلك، ثم بالذهول بعد خمس سنوات عندما اتصلت لتخبرنا أنها حامل. وبالفعل وضعت فتاة!). عدتُ ذات يومٍ ماطر من المدرسة لأجد طرداً على الطاولة بانتظارى. قلتُ لأمى:" أعتقد أنها ساعة الوقواق". ذلك لأنى لم اتمكن من ا

لنوم بسبب دقات الساعة فى غرفتى التى كانت تقول بصوت عالى متواصل " ساعة واقواق". بالفعل كانت هدية أرسلها أخى من المانيا بمناسبة عيد ميلادى (قبل ثلاثة أسابيع من موعده. كما انى لم أقرأ العنوان على البطاقة ولم أعرف من أين ومن هو مرسلها!).

عندما كنتُ في سن المراهقة، اصبتُ بطفح جلدي وحمى قرمزية انتظَمت كامل جانبي الأيمن. الوحيد الذى كان يستطيع مواساتى هو أخي الذي يدرس بجامعة ستانفورد. لم يتمكّن أحد من فهم رغبتي الجامحة بالتحدث الى أخى. عندما اتصلوا برفاقه اخبروهم أنه دَخل المستشفى جراءَ إصابته بالتسمم بنبتة البلوط السامّة فى كامل النصف الأيمن من جسده، وأنه بحال سيئة، ولم يتمكنوا من إعطائه الستيرويد لتخفيف الألم والتورم والحكة وذلك لأنه لايزال يتعافى من جراحة فاشلة فى الركبة. كنت قد أخبرته سابقا انني سوف اتحمّل الالم عنّا، فضحك. وبالفعل شعرنا بالتحسن فيما بعد.

عرفتُ قبل عدة أشهر من وفاة والدتى انها سترحل. اخبرتها ان تذكرتها قُطعت، وأنها تنتظر فى محطة المغادرة، وانى لن أراها مرة أخرى فى هذه الحياة. كان هذا صعباً على، لكنه اشعرها بالراحة حيث كانت تعانى جسديا. لم يكن ذلك مجرد إحساس بل يقين.

هل هناك جزء أو عدة أجزاء من تجربتك ذات مغزى خاص أو ذات أهمية خاصة بالنسبة لك؟ ترابط جيلى البرتقال. رغم تَفرّد كل قطعة على حدا لكنهم جميعا متحدون.

هل سبق لك أن شاركت هذه التجربة مع الآخرين؟ نعم. حاولت اخبار الجميع عندما بتحسن. وكأننى احتاج مشاركتهم لى فى هذا الصيد الثمين الذي عدت به. غير أنهم لم يبدوا انهم يستمعون إلى واكتفوا بالابتسام. على مدى عمرى،أخبرت عدد كبير من رفاقى تجربتى، وكثيرون وجدوا فيها السلوى. يبدو ان ربط مخيلة طفلة بالكلمات كانت مقبولة بالنسبة اليهم.

هل كانت لديكِ أي معرفة بتجربة الاقتراب من الموت قبل تجربتك؟ لا.

ما رأيك في واقعية تجربتك بعد مضى أيام إلى أسابيع من حدوثها؟ كانت تجربةً حقيقيةً بالتأكيد.

ما رأيك في واقعية تجربتك الآن؟ كانت تجربةً حقيقيةً بالتأكيد.

في أيّ وقت من حياتك، هل حدثَ لك أمرٌ أعاد إنتاج تلك التجربة أو جزء منها؟ لا.

هل هناكَ أي شيءٍ آخر تودين إضافته بخصوص تجربتك؟ نعم. تناول المنشطات يمكن ان تعطيك لمحة، وهو الاحساس بالاتحاد. مع انه قريب لكنه لا يعطيك كامل التجربة. عندما اتعاطى المنشطات، يراودنى شعور باني اعرف هذا المكان من قبل. عقار LSD المهلوس لا يمنحني سوى لمحة، لكنه يمكننى من فهم أن الحقيقة المادية هي ما اتفق عليه. فالطاولة صلبة لأن هذا ما نقوله.شراب Ayahuasca هو الأقرب، فهو يمنح ضوءا برتقاليا يسكن بقية الكائنات. اعتقد ان مخدر DMT قد يأخذنى الى تلك التجربة، لكنني لا استطيع الحصول عليه. قصص الناس وتجاربهم يتردد صداها عندى.

هل هناك أي شيء آخر تود إضافته لتجربتك لم يكن الأمر مخيفا حتى وانا طفلة.احيانا أتوق للعودة إلى هناك.