ما هو معنى تجربة الاقتراب من الموت وهل هي خاصة بمن مر بها أم أنها تحدث لنا جميعًا
الصفحة الرئيسية تجارب حديثـــــة مشاركة تجربــــة



بقلم: جودي لونغ

كنت قد قرأت النصف من كتاب بعنوان (الذكاء العاطفي) لدانيال جولمان Daniel Goleman وكما يحدث غالبًا من حدوث بعض التزامن الكوني.

وكنت أيضًا بحاجة إلى تطوير النقاش عن ما تعنيه تجربة الاقتراب من الموت وهل هي خاصة بأصحابها أم أنها لنا جميعًا؟

وكان أحد أكبر الأسئلة التي واجهتها، هو حول المؤسسة وما الذي تحتاجه لتلبية حاجات الآخرين، وهذا يتداخل بلطف مع السؤال عن معنى تجربة الاقتراب من الموت.

وعندما تقوم مؤسسة ما أو موقع على الشبكة العنكبوتية بتلبية متطلبات الآخرين، وتوفر عددًا من الاحتياجات العاطفية لدى الناس، لأن المعاني التي وصفها الناس قد أفادت المؤسسة أو الموقع على الشبكة العنكبوتية.

إن معنى تجربة الاقتراب من الموت وفقًا للقاموس، هو تلك التجربة القادمة من العالم الآخر أو تلك التي جاء بها أصحاب التجربة إلى الآخرين. [١]

وللمعنى قيمة وظيفية، من حيث الفعالية أو الأهمية التي تحملها تجربة الاقتراب من الموت.

تقدم أنه من الممكن معرفة القيمة، الفعالية والأهمية لتجربة الاقتراب من الموت، من خلال دراسة التغيرات العميقة في سلوك واعتقادات أصحاب التجربة كنتيجة لمرورهم بتجربة الاقتراب من الموت.

وسواء اعتقدنا بأن تجارب الاقتراب من الموت، تخبرنا عن وجود حياة ما بعد الموت أم لا، فإنه ليس لأحد القدرة على مناقشة الحقيقة التي تنص على أن لتجارب الاقتراب من الموت تأثيرات قوية وعميقة على أغلب من مر بها.

كما في كلمات عالم الاجتماع وليم آي ثوماس William I. Thomas "إذا عرف الرجال الموقف بأنه حقيقي، فسيكونون حقيقيين في وعيهم"

لقد صرح الدكتور تشارلز فلاين Charles Flynn، والذي كان زميلاً للدكتور جريسن Greyson والدكتور رنك Ring، في بداية تشكيل المؤسسة الدولية لأبحاث تجارب الاقتراب من الموت، قائلاً:

"إن هذا الأمر حقيقي فيما يتعلق بتجربة الاقتراب من الموت... حيث النزعة إلى ممارسة تأثير عظيم القوة على دوافع الشخص وقيمه... ويقود الشخص إلى اختيار تفسير لظاهرة الاقتراب من الموت، إن التأثيرات كانت حقيقية من دون شك.

لقد مر أصحاب تجربة الاقتراب من الموت بتحول معنوي جوهري، وقد استأنفوا حياتهم من خلال عيشها بصورة أكثر حيوية، وبشعور أكبر بالحب ومخاوف أقل من الموت... وإن بدت حياتهم قائمة على الشعور بالهدف وأكثر وعيًا قد ارتسمت فيه القيم الروحية للمحبة والرحمة والرضا." [٢]

ولذلك، فإن قوة الدافع للتغيير هي واحدة من الطرائق المهمة لفهم معنى تجربة الاقتراب من الموت.

ويتوفر الدافع من خلال المشاعر القوية التي تم استحضارها عند صاحب التجربة وأولئك الذين يقرؤون عن تجارب الاقتراب من الموت.

وقال زميل آخر للدكتور جريسن والدكتور رنك، يدعى الدكتور روسل نويس جي آر Russell Noyes Jr:

"أخيرًا، أصبحنا مهتمين بتجارب الاقتراب من الموت، لما تملكه من قدرة على تغيير المواقف والشخصية والمعتقدات.

وإذا ما تمكنا من معرفة أسرارها، فسنضيف قوة علاج عظيمة لإمكانياتنا." [٣]

هنالك العديد من أشكال الوصف لتجربة الاقتراب من الموت المرتبطة بالمشاعر القوية، والتي أضفت معنى كاف على تجربة الاقتراب من الموت، ليقود أناس إلى تغيير سلوكهم السابق ومواقفهم.

ومن بين تلك التغييرات كانت:

١. مخاوف أقل من الموت (تمت الإفادة بذلك والتأكيد عليه في أغلب التجارب).

٢. الشعور النسبي بالمنعة وعدم إمكانية إيذاؤه.

٣. الشعور بأهمية خاصة والشعور بالقدر.

٤. الاعتقاد بتلقي عطف خاص من الله أو بالقدر.

٥. قوة الإيمان باستمرارية الوجود.

من المفيد القول، أن هذه النماذج قد تم وصفها من منظور "الحياة المفعمة" وكنقيض لنماذج "الموت"، التي وصفت لنا الشعور بالعجز، قلة احترام الذات واللامعنى، وقد تعني من خلال البعد الديني، الانفصال، الله الكلي القدرة." [٤]

عندما يمر المرء بعملية استعراض للحياة، فستكون التغييرات العميقة حتمية، إذ ترينا عملية استعراض الحياة ما هو المهم لنا بعد الموت.

تكون القيم ذات الأولوية العليا للطيبة والرحمة والحب اللامحدود تجاه الآخرين، في حين كانت الأولوية الأقل للمال والتنافس والسلطة.

لقد اقتبس تشارلز فلاين في بحثه، كلامًا لأحد أصحاب تجربة الاقتراب من الموت، حيث يقول:

"كانت المظاهر السطحية لحياتي هي ما أنجزته وحصلت عليه وعرفته وما استهلكته ولم تكن على قدر من الأهمية.

على أية حال، فإن أولئك الذين يتصرفون بطريقة خالية من الأنانية وعبروا عن الحب والاهتمام من رفاقي، تم تمجيدهم وكتابة أسمائهم بعناية.... في السجل مع تجاهل تام لبساطة تلك اللحظات وسرعة زوالها" [٦]

هنالك نوع آخر من التحول الذي أفاد به أصحاب تجربة الاقتراب من الموت، يتعلق بحالة من الاهتمام الأكبر بالآخرين وهذا ناتج عن الرغبة الكبيرة في تقبل الآخرين وأن يكون أقل رغبة في محاكمة الآخرين.

لقد التفت الدكتور فلاين إلى "أن الهدف من التحول في حياة أصحاب تجربة الاقتراب من الموت هو من الاهتمامات الأنانية إلى الرغبة في مساعدة الآخرين." [٧]

لاحظت في واحدة من دراساتي حول استعراض الحياة، تغير المعتقدات، النظام الكوني والهدف، نفس هذا النوع من التغيرات. [٨]

وكما هو متوقع فإن أعلى نسبة، هي الفئتان المتعلقتان بالإيمان وتغيرات الحياة، تلك التي ترتبط بالروحانية والدين والتي تهتم باستمرارية الحياة وانعدام الخوف من الموت.

يمكن لفئات الأجوبة أن تتقلص إلى مساحات معينة من التغيرات، فتصنف أكبر الأقسام "كحقيقة عالمنا الخارجي" متضمنة هكذا أجوبة كالدين والروحانية، زيادة الإيمان بالله/ السيد المسيح/ الكائن الأسمى، استمرارية حياتنا، انعدام الخوف، الترابط، الوحدة، الانفصال، التقسيم، جزء لا ينتمي إلى الأرض، الحالات البديلة للوعي.

أما فئة الحياة بصورة عامة، فقد تضمنت التغير في طراز العيش، قبول الحياة، الحياة ثمينة، الشعور بالهدف، اختلاف النظرة إلى الحياة وأن تجربة الاقتراب من الموت عامل محفز للتغيير.

لقد تضمنت التغيرات الشخصية حالات من قبول الحياة، تعلم المحبة، أن يكون طالبًا، معرفة الذات، الاسترخاء، غير مهتم بالملكية وجمع المال، الاعتقاد بأن أمور هذا العالم عديمة المعنى، وعي أكبر، متعاطف، الرغبة في مساعدة الآخرين، الحرية، أكثر عطاء، كثرة الخيارات، ترك الإدمان/ الكحول، الخوف أو انعدام الخوف.

تتضمن الفئات من الفئة الثانية وحتى الأخيرة، التغيرات التي تتعلق بالآخرين، تلك التي تقول بأهمية الناس والأصدقاء، أهمية العلاقات، العائلة، البعض منهم غير علاقاته وحرفته.

واحد من أعظم الأدلة على أن تجربة الاقتراب من الموت تعنينا جميعًا، ذلك الذي يشمل الامتداد الذي حققته مؤسسة أبحاث تجربة الاقتراب من الموت، إذ يعمل معنا أكثر من ١٠٠ مترجم يعملون في أكثر من عشرين لغة.

لابد أن لتجربة الاقتراب من الموت قيمة عظيمة لدى الآخرين وإلا لما كان لدينا أناس من جميع العالم قد تطوعوا بوقتهم لإيصال رسالة تجربة الاقتراب من الموت إلى الآخرين الذين يتكلمون لغة معينة.

وكانت أقوى تلك الرسائل لمترجمينا هو الوعد بالحياة الآخرة، المحبة والسلام الرحمة والأخوة العالمية.

الدوافع MOTIVATIONS:

إن أغلب ما أقوله وصولاً إلى هذه النقطة، هو شديد الوضوح لأولئك الذين مروا بتجربة اقتراب من الموت أو أولئك الذين يهتمون بدراسة تجارب الاقتراب من الموت، ولذلك فأنا أرغب في استكشاف العوامل المحفزة للتغيير.

إني أعتقد أن واحدة من أهم هذه الأسباب لنا، هو المجيء إلى الأرض كي نتعلم كيف نستخدم عقولنا ونتحكم في مشاعرنا.

كما أعتقد أنه من المهم جدًا أن نعرف أن الطريقة التي تطورنا فيها كأجناس هي تقليل نماذج السلوك إلى أخلاق وعندها يمكن تحرير وعينا العقلي ليكون أكثر فطنة للتغيرات التي تتطلب وظائف معرفية أعلى لبقائنا على الأرض. [٩] الأمر الذي يعني أنه يجب على أغلب الناس أن يعملوا ويتكلموا ويعيشون حياتهم من خلال السلوك الضروري وأن لا يدركوا قيود عقلنا الأرضي.

وفي حالة مواجهة التغيير أو في حالة الجدية فقط نستخدم وظائف التفكير العالية لتطوير عملية التعلم.[١٠]

في صفحات مختلفة قمت بدراسة حول الذاكرة وتجربة الاقتراب من الموت، فالناس يتذكرون الأشياء عن طريق إدخال الدليل العاطفي إلى حيث تم خزنها في ذاكرة معينة، الأمر الذي يشبه كثيرًا عملية الدخول إلى ملف معين موجود في أيقونة معينة.

وبعبارة أخرى، إننا نستطيع الدخول إلى ذكرياتنا عن طريق عيش مشاعر معينة مرة ثانية.

يتعذر نسيان تجارب الاقتراب من الموت بالذات لشدة وضوح التجربة التي تستحضر مشاعر قوية.

إن مفتاح التعلم للسيطرة على سلوكنا هو التعلم عن المشاعر، فالمشاعر مهمة لأنها تزودنا بالدافع نحو التغيير.

هنالك دافع عظيم القوة لربطنا بالروح أثناء وجودنا على الأرض ففي (الدرب الأقل سفرًا) يعرف السيد سكوت بيك Scott Peck الحب على "أنه الإرادة في أن يمتد أحدنا بروحه لأجل أن يربي أحدًا ما يعود له أو شخصًا آخر روحيًا" [١١] فالحب والرغبة في أن يمتد الحب تجاه النفس والآخرين هما المفتاح لعناصر النمو الروحي.

لقد بحثت الدكتورة تيبري Tiberi في المشاعر الإضافية extra-somatic، وانتهى بها البحث إلى أن استمرارية المشاعر في حالة اليقظة، حالات الوعي وحالات الخروج من الجسد، تدلل على أن المشاعر هي المفتاح الذي يرينا الاستمرارية والوحدة بين الأرض وبين ما هو كامن في ما ورائها. [١٢]، إن دراستي تعزز ما توصلت إليه الدكتورة تيبري، فالمشاعر هي استمرارية الروح الموجودة في حالات جسدية بديلة متنوعة، وبضمنها الموت. [١٣] ويكون الإنذار الوحيد عبر حالات مختلفة من الوعي، وإن قابليتنا على إدراك قوة تلك المشاعر تختلف، فتدرَك المشاعر في تجربة الاقتراب من الموت، على سبيل المثال، على أنها أعظم مما نشعر به في يقظتنا في الواقع.

أود القول بأن سبب ذلك هو أن دماغنا ليس لديه القدرة على الولوج إلى الكثافة التامة لكثير من هذه المشاعر التي نشعر بها في العالم الآخر.

لذلك، فأنا أود استكشاف المفاتيح المتعلقة بالمشاعر والتي ربما ستساعد الآخرين في أن يتعلموا كيفية التحكم بحياتهم.

١. الذاكرة مزاج معين. [١٤] ولذلك فإن المحفز الأكبر للتغيير عند من مر بتجربة الاقتراب من الموت، هو عملية إعادة الخلق المستمرة وتذكر المشاعر المرتبطة بتجربة الاقتراب من الموت.

٢. المزاج الجيد يقوي الذاكرة ويسمح بالحصول على حلول خلاقة للسلوك المعتاد والذي لم يعد يعمل. [١٥] فالمزاج الجيد يعزز القدرة على التفكير المرن بحالة أكثر تعقيدًا، الأمر الذي يساعد الناس على اكتشاف حلول لمشاكلهم بصورة أسهل، في حين يجنح المزاج السيئ نحو الاتجاه الخاطئ، الأمر الذي يجعلنا أكثر عرضة للوقوع في الخوف واتخاذ قرارات حذرة بصورة مفرطة [١٦]، وإن المشاعر الخارجة عن السيطرة تعمل على إعاقة الذكاء.

إن المرور بتجربة الاقتراب من الموت والقراءة عنها أمر ملهم، وهي بصورة عامة، تجعل الناس في حالة من المزاج الجيد، تمكنهم من التعامل مع الحياة بصورة مرضية وبمستوى من الإبداع.

٣. القلق: يعمل القلق على تحطيم الذكاء [١٧] فالقلق كشعور يمكن أن يوظف لأجل التفوق أو من الممكن أن يكون عائق، فالقلق الشديد يخرب أية محاولة للتكامل والعمل الجيد، ولكن القلق البسيط جدًا يولد حالة من اللامبالاة. [١٨] في حين يؤدي القلق الضاغط بصورة مناسبة إلى القيام بأداء رائع كما يؤدي إلى التغيير.

ولأجل توحيد تجربة الاقتراب من الموت مع الواقع، يحتاج أحدنا إلى تعلم كيفية الاسترخاء، تنمية الشعور بالسلام، وأن يصبح محبًا أكثر.

أما الأشخاص الذين يواجهون مشاكل في توحيد تجربتهم مع الواقع، فهم أولئك الذين لا يزالون يعيشون حالة من القلق والصراع حول تجربتهم.

٤. الأمل: يعرف الدكتور سنايدر Snyder، العالم النفساني في جامعة كنساس، الأمل على أنه "إيمانك بأنك تملك العجلة والطريق لتحقيق أهدافك مهما كانت." [١٩] إن الناس الذين يمتلكون مستوى عال من الأمل قادرون على تشجيع أنفسهم، ويشعرون بأنهم قادرون بما يكفي لاكتشاف السبل لتحقيق أهدافهم.

يعيد الأمل الطمأنينة لأولئك الذين يواجهون مواقف صعبة، فتتحسن الأمور ويتقلص عندها مستوى القلق عندهم.

يسمح انخفاض معدل القلق لدى الأفراد بأن يكونوا مرنين لدرجة أنهم يكتشفون طرائقًا مختلفة لتحقيق أهدافهم.

وهنالك ميزة أخرى للأمل، تلك التي تجعل من المهمة الضخمة أجزاء صغيرة يمكن تصورها.

أن يملك أحدنا الأمل، يعني أنه لن يستسلم لسيطرة القلق، إن الموقف الانهزامي أو اليائس يصبح عائقًا في مواجهة التحديات الصعبة. [٢٠] ويكون الأشخاص المتفائلين أقل اكتئابًا من الآخرين وهم يناورون في الحياة في طريقهم لتحقيق أهدافهم، وهم أقل قلقًا بصورة عامة، ولا يحملون إلا قليلاً من المشاعر الحزينة [٢١] وتعطي تجربة الاقتراب من الموت أملاً في الحياة الآخرة وتقلل الخوف من الموت.

تمنحنا تجربة الاقتراب من الموت أملاً في العيش على الأرض بما تحمله من هدف ومعنى أعظم، كما تقدم لنا المعنى من بين الفوضى والقسوة والفقر والمعاناة التي تتسلل إلى كوكبنا وتؤثر على حياتنا.

٥. التفاؤل: يعرف الدكتور سيلجمان Seligman العالم النفساني في جامعة بنسلفانيا، التفاؤل، من خلال ما يبينه الناس لأنفسهم من فشل ونجاحات [٢٢] فهو يصف الناس المتفائلين على أنهم أولئك الذين ينظرون إلى أن الفشل عائد لشيء ما يمكن تغييره، ولذا فسيتمكنون من النجاح في المرة القادمة. [٢٣] ويكون التشاؤم مسئولاً عن الفشل من ناحية أخرى، ويصفونه على أنه حالة دائمة وليس في وسعهم تغييره. [٢٤].

تساعد تجربة الاقتراب من الموت الناس على الشعور بالتفاؤل في حياتهم، كما تساعد على مقاومة المشاعر السلبية كاللامبالاة واليأس أو الاكتئاب في مواجهة الصعوبات الحاصلة.

تمنحنا تجربة الاقتراب من الموت القوة، لأن الرسالة التي نتعلمها هي كيف نتحكم بقدرنا، وهنالك العديد من هذه التجارب التي استخدم فيها أصحاب التجربة إرادتهم الحرة واختاروا العودة إلى الأرض.

ويساعد قبول رسالة تجربة الاقتراب من الموت على كيفية تعلم تطوير نوعية قابلية النفس، حيث يصبح أحدنا من خلال الإيمان قادرًا على السيطرة على الأحداث ويواجه التحديات في حياته. [٢٥] فالتفاؤل وقابلية النفس حالات تجعل الناس أكثر احتمالاً أن يقدموا الأفضل مهما كانت القابليات التي يملكونها، أو أن يفعلوا ما يسهم في تطويرهم [٢٨].

إن المرور بتجربة الاقتراب من الموت أو القراءة عنها يساعد الناس على توسيع القابليات الإنسانية الكامنة فيهم.

٦. التدفق: من الصعب تعريف مفهوم التدفق، ولكن عندما يقوم أحد ما بشرح التدفق، يصبح من السهولة فهمه على المستوى العاطفي.

فعلى سبيل المثال، يصف لنا المؤلف تلك اللحظات التي يكون فيها عمله في أحسن حالاته:

"تكون نفسك في حالة من النشوة، كما في الحالة التي تشعر فيها بأنك غير موجود، لقد جربت مثل هذا الشعور أكثر من مرة، حيث بدت يدي مجردة عن ذاتي، ولا أملك شيئًا حيال الأمر، فقط، كنت أراقب في حالة من الذهول الكلي، ولكن ذلك كان يتدفق من تلقاء نفسه." [٢٩]

إن الرياضي يعرف حالة الشرف على أنها المنطقة التي يأتي فيها الامتياز من دون جهد، حيث يختفي الجمهور والمنافسون في النشوة التي تستغرق لحظة... وربما يمثل التدفق، الشد العاطفي النهائي لخدمة الأداء والتعلم. [٣٠]

يسعى من مر بتجربة الاقتراب من الموت والذين قرءوا عن تجارب الاقتراب من الموت لإيجاد هذه "المنطقة".

وهذا يرمز إلى حالة السعادة القصوى (النيرفانا) التي يمكننا الحصول عليها ونحن هنا على الأرض.

إن حالة التدفق لا تتضمن المشاعر فقط أو أن تصل إلينا، بل يجب أن تكون إيجابية مليئة بالطاقة وتنسجم مع المهمة الموكلة إلينا. [٣١] من المفيد القول، أنه عندما يكون شخص ما في حالة تدفق، فإن دماغه سيكون في حالة من التوقف، أي في حد أقل من اليقظة. [٣٢].

نحن نرى حالات ذهنية مشابهة، عندما يصف لنا أصحاب تجربة الاقتراب من الموت الوضوح الذي يكون في تجربتهم، لقد وصف الكثير منهم، حذرهم المفرط، ولكن مع الهدوء والسلام والحب الكبير.

إن كون أحدنا في حالة من التدفق، يسمح له ذلك بالدخول إلى المعرفة الروحية وبلوغ حالة من الصوفية.

ويمكن تعريف الحالة الصوفية على أنها الوعي المباشر للتسامي أو الحقيقة النهائية للإله [٣٤] ووفقًا لقاموس جامعة كولومبيا عبر الإنترنت، فإن الصوفية هي "أن يضع أحد نفسه ويبقى في علاقة مباشرة مع الله، المطلق أو أي مبدأ موحد في الحياة، إن الصوفية ترتبط ومن دون انفصال، بالروحانية/الدين."

إن التدفق حالة روحية من نسيان النفس وفناء الذات، بدلاً من الانشغال بشؤون الحياة اليومية، فالناس في حالة التدفق يعيشون كليًا في اللحظة الحاضرة، وهم يظهرون سيطرة رائعة على أفعالهم مع استجابات متناغمة للتغيرات التي تتطلبها المهمات الأخرى. [٣٥]

وبالرغم من أن الناس يبلغون أروع انجازاتهم وهم في حالة التدفق، فهم غير قلقين حول الطريقة التي يعملون بها وأفكار الفشل أو النجاح، فالسعادة المطلقة تعود للعمل نفسه وهو الذي يحفزهم. [٣٦]

٧. التعاطف: كان أول استخدام لكلمة التعاطف، عام ١٩٢٠ من قبل العالم النفساني الأميركي أي بي تيتشنر EB Titchener، واعتمدت نظرية تيتشنر على نوع من التقليد النفسي لقلق الآخرين، الأمر الذي يستدعي نفس المشاعر في النفس. [٣٧]

إن أصل الاهتمام ينشأ من التناغم العاطفي من خلال القابلية على التعاطف. [٣٨]

لقد أثبت بحث الاتصالات أن ٩٠% أو أكثر من الرسائل العاطفية هو غير شفوي [٣٩] إن واحدة من أهم النتائج في بحثي حول العلاج، هي أن أصحاب تجربة الاقتراب من الموت يصبحوا أكثر تعاطفًا منهم قبل حصول التجربة، ولديهم القدرة على قراءة الناس على أساس الفهم العاطفي للآخرين.

إن فهم تجربة الاقتراب من الموت يساعد الناس ليكونوا أكثر اهتمامًا وتعاطفًا مع الآخرين، والرسالة هي أن نبقى مع تجربة الاقتراب من الموت، حيث يستطيع الناس أن يتعلموا قيمة الحب والسلام والاهتمام بالآخرين.

الخلاصة:

إن السيطرة على المشاعر هي المفتاح لنكون في أحسن حالة يمكننا بلوغها على الأرض، ويمكننا أن نتعلم كيف نتغلب على محدودية العادات كي نتطور بصورة واعية في حياتنا هنا على الأرض.

لا تحمل تجربة الاقتراب من الموت معنى لبعض الأشخاص فقط، بل تحمل المعنى لنا جميعًا بسبب التغيرات العميقة في سلوكنا واعتقاداتنا.

حيث تأتي الكثير من هذه التغيرات بعد لقاءنا بالروح من خلال مساعدتنا للوصل إلى الحالة الروحية من "الانبعاث".

إن المؤسسة التي تستحضر الإجابة العاطفية والتغيرات الإيجابية سوف تتمكن من تأمين حاجات أفرادها.

وتساعد تجارب الاقتراب من الموت على تقييم السلام والمحبة والقرابة بين البشر، وعلاوة على ذلك فإن تجارب الاقتراب من الموت تغذي الأمل والتفاؤل والتعاطف وتساعد على التقليل من القلق.

إن تجارب الاقتراب من الموت جزء مكمل في مساعدتنا كي نتطور لنصبح بشرًا أفضل.


ترجمة: قتيبة صالح فنجان

مراجعة وتدقيق: أحمد حسن، السودان.

[1] The American Heritage Dictionary of the English Language (1978) Davies, Peter Ed., Dell Publishing, New York, p.437.
[2] Flynn, C. (1984, p. 279). Meanings and implications of near death experience or transformations, B. Greyson and C. Flynn (Eds), The Near-Death Experience, Problems, Prospects, Perspectives, (pp. 278-289). Springfield, IL: Charles C. Thomas.
[3] Id.
[4] Noyes, R. (1984, p. 273). The human experience of death or, what can we learn from near-death experiences?, B. Greyson and C. Flynn (Eds), The Near-Death Experience, Problems, Prospects, Perspectives, (pp. 267-277). Springfield, IL: Charles C. Thomas.
[5] Id., p. 268.
[6] Id., p. 270.
[7] Flynn, C. (1984, p. 280). Meanings and implications of near death experience or transformations, B. Greyson and C. Flynn (Eds), The Near-Death Experience, Problems, Prospects, Perspectives, (pp. 278-289). Springfield, IL: Charles C. Thomas.
[8] Id., p. 281.
[9] Long, Jody (2002), Life Review, Changed Beliefs, Universal Order and Purpose, and the Near-Death Experience, Part 4 Soulmates, http://nderf.org/
[10] Ornstein, R. (1991) The Evolution of Consciousness, The Origins of the Way We Think, Simon & Schuster, New York NY.
[11] Id.
[12] Peck, M. Scott (1978) The Road Less Traveled, Touchstone, New York NY, p.81.
[13] Id., citing Tiberi, E. (1993, p.169). Extrasomatic emotions. Journal of Near-Death Studies, 11(3), 149-170.
[14] Long, Jody (2002), Emotions and the Near-Death Experience, Part 3 Soulmates, http://nderf.org/
[15] Emotional Intelligence: Why it can matter more than IQ, by Daniel Goleman, Bantom Books, New York NY, 1995, pg 83.
[16] Id., p.85.
[17] Id., p.85.
[18] Id., p.80.
[19] Id., pp. 84-85.
[20] Id., p.87.
[21] Id.
[22] Id.
[23] Id., p.88.
[24] Id.
[25] Id.
[26] Id., p.89.
[27] Id.
[28] Id., p.90.
[29] Id.
[30] Id.
[31] Id.
[32] Id., p. 92
[33] Id.
[34] Dictionary Houghton Mifflin
[35] Emotional Intelligence: Why it can matter more than IQ, by Daniel Goleman, Bantom Books, New York NY, 1995, pg 91.
[36] Id.
[37] Id., p.98.
[38] Id., p.96.
[39] Id., p.97.